أصبح بناء النظم التعليمية على مستوى عال من الجودة والنوعية لتتوافق مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي في القرن الحادي والعشرين أولوية عليا لدى معظم الحكومات والأمم مدركة في ذلك حجم التحديات الحالية التي تواجه النظم التعليمية من التأثير السريع والمتباين لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وإضفاء الطابع التسويقي على التعليم كسلعة مما كان له الأثر الكبير المتمثل في التبعات والمعايير التعليمية والتغيرات في احتياجات الطلاب الخاصة بتعليم القراءة والكتابة والحساب والمضمون التعليمي الذي أصبح يشمل المهارات المتصلة بالتواصل والإثراء المعرفي.
يشبه البعض علاقة أولياء الأمور بالهيئة التدريسية، بعلاقة الزواج الذي مر عليه سنوات، فكلاهما يبحث عن أخطاء الآخر، ويتربص به، حتى إذا حانت لحظة الانفجار، أخرج كل ما في داخله من انفعالات سلبية، واتهامات غالبًا ما تقوم على حجج واهية، ورؤية أحادية الجانب، لكن وجود الأطفال، والحرص على مصلحتهم، يمنع الفراق بينهما، ويجبرهما على التعايش مع بعضهما البعض، في حالة من اللاسلم واللاحرب.
ما الحل؟ لقد ورد في الفقرة السابقة، ولكن لم ننتبه إليه من فرط الانفعال، وهو أن أولياء الأمور والمعلم أو المعلمة لهم هدف مشترك وهو (مصلحة التلميذ)، فإذا اتفقنا على أن الأهل في البيت لا هم لهما إلا تحقيق الخير لابنهما أو لابنتهما، وأن المعلم يسعى لتحقيق الخير للتلاميذ الذين هم أمانة عنده، فإن هذا الهدف السامي، يجب أن يبقى نصب العين للجانبين.
هل تعتقد أن هذا كلام إنشاء وبلاغة جوفاء؟ حسنًا، ماذا لو جاءك الأب والأم، ثم بدأ ولي الأمر في اتهامك بأنك لا تعرف كيف تشرح الرياضيات، وأن ابنه أصبح ضعيفًا في هذه المادة، منذ استلامك هذا الصف، وأن علاماته مع المعلم السابق كانت ممتازة، وأنها أصبحت على يديك سيئة للغاية، وأنك تحابي طلابًا آخرين على حساب ابنه، وأنه سيرفع شكوى فيك. وبدلاً من أن تبدأ في الدفاع عن نفسك، وتبحث عن الحجج التي تبرر بها ما حدث لابنه، وتتهم ابنه بالكذب، وتصفه بقلة الأدب لأنه تعدى عليك، يجدك تقول له: «أشعر بأنك غاضب، ولكنني أرحب بهذه الصراحة، فالأفضل أن نتحدث وجهًا لوجه، بدلاً من الغيبة والنميمة، وأتفق معك على ضرورة السعي لتغيير الوضع الحالي، ومادمنا متفقين على الهدف، وهو مصلحة الابن، هيا نبحث عن الآلية المناسبة لتحقيق ذلك، والخطوات التي سنتفق عليها سويًا، من خلال المسؤولية المشتركة من البيت والمدرسة، فأنتم خير من يعرفه ابنكم، والأقدر على مد يد العون للمدرسة».
وإذا اتفقنا على أن هناك ألف سبب لحدوث ثقب في إطار الدراجة، وأن هناك وسيلة واحدة لإصلاح الثقب، فإن الحل السحري للموقف المتأزم مع الأب، هو التركيز على البحث عن الحل، وليس الانغماس في المشكلة، والسعي لامتصاص الانفعال، الذي يمكن النظر إليه من زاوية إيجابية، وهي أن الوالدين مهتمان بمستقبل ابنهما، وأنهما يتابعان أوضاعه الدراسية، وأنهما يشعران بالقلق على مستواه في مادة الرياضيات، وأنهما عاجزان عن التوصل إلى حل بمفردهما لهذه المشكلة، فيبحثان عمن يتحمل المسؤولية عن هذا الوضع، ونظرًا لعدم رغبتهما في الاعتراف بانشغال الأب عن الابن، وعدم متابعة دروسه، وعدم قدرة الأم على التفرغ له، وترك بقية المهام في البيت، وبقية الأبناء، وبناء على حبهما الكبير للطفل، فإن المعلم يصبح كبش الفداء.
إذا استطاع المعلم أن يسمو بنفسه عن النزول إلى مستوى الاتهامات والافتراءات التي تعرض لها، والتزم بمكانته كقدوة ليس للتلاميذ فحسب، بل لأولياء أمورهم، وللمجتمع أجمع، فإنه سيكون قادرًا على أن يرد الإساءة بالإحسان، ويفرض على الطرف الآخر أن يغير أسلوبه، أما البقاء داخل المشكلة، والرد على ما قاله الأب، فإنه يؤدي لا محالة إلى تفاقم الأمر، ولن يسهم في تحقيق أي تقدم.
من المهم أن نعرف أن علاقة أولياء الأمور بالمعلم، لا تبدأ من أول اجتماع أولياء أمور، بل من الاتصال الهاتفي الذي سبقه، أو من أول مرة التقى فيها الجميع في حفل استقبال الطلاب الجدد، أو غير ذلك من المناسبات، التي تترك انطباعًا أوليًا عن المعلم وعن أولياء الأمور لدى الطرف الآخر، ولذلك فإن المعلم لابد أن يعلم أن الأعين مسلطة عليه دومًا، وأنه يظل معلمًا في داخل الصف وخارجه، في داخل المدرسة وفي الطريق، قدره أن يكون قدوة، بشرط أن تكون قدوة حقيقية، وليست مصطنعة لأوقات محددة، وبدون مصداقية.
سبحان الله و بحمده
أصبح بناء النظم التعليمية على مستوى عال من الجودة والنوعية لتتوافق مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي في القرن الحادي والعشرين أولوية عليا لدى معظم الحكومات والأمم مدركة في ذلك حجم التحديات الحالية التي تواجه النظم التعليمية من التأثير السريع والمتباين لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وإضفاء الطابع التسويقي على التعليم كسلعة مما كان له الأثر الكبير المتمثل في التبعات والمعايير التعليمية والتغيرات في احتياجات الطلاب الخاصة بتعليم القراءة والكتابة والحساب والمضمون التعليمي الذي أصبح يشمل المهارات المتصلة بالتواصل والإثراء المعرفي.
يشبه البعض علاقة أولياء الأمور بالهيئة التدريسية، بعلاقة الزواج الذي مر عليه سنوات، فكلاهما يبحث عن أخطاء الآخر، ويتربص به، حتى إذا حانت لحظة الانفجار، أخرج كل ما في داخله من انفعالات سلبية، واتهامات غالبًا ما تقوم على حجج واهية، ورؤية أحادية الجانب، لكن وجود الأطفال، والحرص على مصلحتهم، يمنع الفراق بينهما، ويجبرهما على التعايش مع بعضهما البعض، في حالة من اللاسلم واللاحرب.
ما الحل؟ لقد ورد في الفقرة السابقة، ولكن لم ننتبه إليه من فرط الانفعال، وهو أن أولياء الأمور والمعلم أو المعلمة لهم هدف مشترك وهو (مصلحة التلميذ)، فإذا اتفقنا على أن الأهل في البيت لا هم لهما إلا تحقيق الخير لابنهما أو لابنتهما، وأن المعلم يسعى لتحقيق الخير للتلاميذ الذين هم أمانة عنده، فإن هذا الهدف السامي، يجب أن يبقى نصب العين للجانبين.
هل تعتقد أن هذا كلام إنشاء وبلاغة جوفاء؟ حسنًا، ماذا لو جاءك الأب والأم، ثم بدأ ولي الأمر في اتهامك بأنك لا تعرف كيف تشرح الرياضيات، وأن ابنه أصبح ضعيفًا في هذه المادة، منذ استلامك هذا الصف، وأن علاماته مع المعلم السابق كانت ممتازة، وأنها أصبحت على يديك سيئة للغاية، وأنك تحابي طلابًا آخرين على حساب ابنه، وأنه سيرفع شكوى فيك. وبدلاً من أن تبدأ في الدفاع عن نفسك، وتبحث عن الحجج التي تبرر بها ما حدث لابنه، وتتهم ابنه بالكذب، وتصفه بقلة الأدب لأنه تعدى عليك، يجدك تقول له: «أشعر بأنك غاضب، ولكنني أرحب بهذه الصراحة، فالأفضل أن نتحدث وجهًا لوجه، بدلاً من الغيبة والنميمة، وأتفق معك على ضرورة السعي لتغيير الوضع الحالي، ومادمنا متفقين على الهدف، وهو مصلحة الابن، هيا نبحث عن الآلية المناسبة لتحقيق ذلك، والخطوات التي سنتفق عليها سويًا، من خلال المسؤولية المشتركة من البيت والمدرسة، فأنتم خير من يعرفه ابنكم، والأقدر على مد يد العون للمدرسة».
وإذا اتفقنا على أن هناك ألف سبب لحدوث ثقب في إطار الدراجة، وأن هناك وسيلة واحدة لإصلاح الثقب، فإن الحل السحري للموقف المتأزم مع الأب، هو التركيز على البحث عن الحل، وليس الانغماس في المشكلة، والسعي لامتصاص الانفعال، الذي يمكن النظر إليه من زاوية إيجابية، وهي أن الوالدين مهتمان بمستقبل ابنهما، وأنهما يتابعان أوضاعه الدراسية، وأنهما يشعران بالقلق على مستواه في مادة الرياضيات، وأنهما عاجزان عن التوصل إلى حل بمفردهما لهذه المشكلة، فيبحثان عمن يتحمل المسؤولية عن هذا الوضع، ونظرًا لعدم رغبتهما في الاعتراف بانشغال الأب عن الابن، وعدم متابعة دروسه، وعدم قدرة الأم على التفرغ له، وترك بقية المهام في البيت، وبقية الأبناء، وبناء على حبهما الكبير للطفل، فإن المعلم يصبح كبش الفداء.
هل تعتقد أن هذا كلام إنشاء وبلاغة جوفاء؟ حسنًا، ماذا لو جاءك الأب والأم، ثم بدأ ولي الأمر في اتهامك بأنك لا تعرف كيف تشرح الرياضيات، وأن ابنه أصبح ضعيفًا في هذه المادة، منذ استلامك هذا الصف، وأن علاماته مع المعلم السابق كانت ممتازة، وأنها أصبحت على يديك سيئة للغاية، وأنك تحابي طلابًا آخرين على حساب ابنه، وأنه سيرفع شكوى فيك. وبدلاً من أن تبدأ في الدفاع عن نفسك، وتبحث عن الحجج التي تبرر بها ما حدث لابنه، وتتهم ابنه بالكذب، وتصفه بقلة الأدب لأنه تعدى عليك، يجدك تقول له: «أشعر بأنك غاضب، ولكنني أرحب بهذه الصراحة، فالأفضل أن نتحدث وجهًا لوجه، بدلاً من الغيبة والنميمة، وأتفق معك على ضرورة السعي لتغيير الوضع الحالي، ومادمنا متفقين على الهدف، وهو مصلحة الابن، هيا نبحث عن الآلية المناسبة لتحقيق ذلك، والخطوات التي سنتفق عليها سويًا، من خلال المسؤولية المشتركة من البيت والمدرسة، فأنتم خير من يعرفه ابنكم، والأقدر على مد يد العون للمدرسة».
وإذا اتفقنا على أن هناك ألف سبب لحدوث ثقب في إطار الدراجة، وأن هناك وسيلة واحدة لإصلاح الثقب، فإن الحل السحري للموقف المتأزم مع الأب، هو التركيز على البحث عن الحل، وليس الانغماس في المشكلة، والسعي لامتصاص الانفعال، الذي يمكن النظر إليه من زاوية إيجابية، وهي أن الوالدين مهتمان بمستقبل ابنهما، وأنهما يتابعان أوضاعه الدراسية، وأنهما يشعران بالقلق على مستواه في مادة الرياضيات، وأنهما عاجزان عن التوصل إلى حل بمفردهما لهذه المشكلة، فيبحثان عمن يتحمل المسؤولية عن هذا الوضع، ونظرًا لعدم رغبتهما في الاعتراف بانشغال الأب عن الابن، وعدم متابعة دروسه، وعدم قدرة الأم على التفرغ له، وترك بقية المهام في البيت، وبقية الأبناء، وبناء على حبهما الكبير للطفل، فإن المعلم يصبح كبش الفداء.
إذا استطاع المعلم أن يسمو بنفسه عن النزول إلى مستوى الاتهامات والافتراءات التي تعرض لها، والتزم بمكانته كقدوة ليس للتلاميذ فحسب، بل لأولياء أمورهم، وللمجتمع أجمع، فإنه سيكون قادرًا على أن يرد الإساءة بالإحسان، ويفرض على الطرف الآخر أن يغير أسلوبه، أما البقاء داخل المشكلة، والرد على ما قاله الأب، فإنه يؤدي لا محالة إلى تفاقم الأمر، ولن يسهم في تحقيق أي تقدم.
من المهم أن نعرف أن علاقة أولياء الأمور بالمعلم، لا تبدأ من أول اجتماع أولياء أمور، بل من الاتصال الهاتفي الذي سبقه، أو من أول مرة التقى فيها الجميع في حفل استقبال الطلاب الجدد، أو غير ذلك من المناسبات، التي تترك انطباعًا أوليًا عن المعلم وعن أولياء الأمور لدى الطرف الآخر، ولذلك فإن المعلم لابد أن يعلم أن الأعين مسلطة عليه دومًا، وأنه يظل معلمًا في داخل الصف وخارجه، في داخل المدرسة وفي الطريق، قدره أن يكون قدوة، بشرط أن تكون قدوة حقيقية، وليست مصطنعة لأوقات محددة، وبدون مصداقية.
من المهم أن نعرف أن علاقة أولياء الأمور بالمعلم، لا تبدأ من أول اجتماع أولياء أمور، بل من الاتصال الهاتفي الذي سبقه، أو من أول مرة التقى فيها الجميع في حفل استقبال الطلاب الجدد، أو غير ذلك من المناسبات، التي تترك انطباعًا أوليًا عن المعلم وعن أولياء الأمور لدى الطرف الآخر، ولذلك فإن المعلم لابد أن يعلم أن الأعين مسلطة عليه دومًا، وأنه يظل معلمًا في داخل الصف وخارجه، في داخل المدرسة وفي الطريق، قدره أن يكون قدوة، بشرط أن تكون قدوة حقيقية، وليست مصطنعة لأوقات محددة، وبدون مصداقية.