تخطى إلى المحتوى

فضل العلم واهله

فضل العلم والعلماء يارب يعجبكم

الحمد لله فاطر الأرض والسماوات.. الذي خلق كل شيء فأبدعه، وجعلهدلائل علي ربوبيته وآيات.. وأجرى البحار والأنهار وأرسي الجبال الشامخات.. وزيّنالسماء بالكواكب وجعلها حفظاً من مسترقي السمع، فأرسل عليهم الشهب الخاطفات.. وجعلالشمس والقمر آيتين من آياته الباهرات.. وجعل كسوفهما وخسوفهما على العباد منالإبتلائات.. وأنزل الكتاب فيه الآيات الواضحات.. وأرسل أفضل البشر بالبشاراتوالنذارات، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليمات.. وأصطفى له خير صحبة تمسّكوا بسنتهوصاروا على نهجه، وكان لهم أسمى الصفات والأخلاقيات.. وألزمهم كلمة التقوى وكانواأحق بها وأهلها، ورزقهم النصر والفتوحات..

أما بعد فإن أصدق الحديث كتابالله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةبدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار..
ثم أما بعد إخوتي الكرام، عن حذيفةبن اليمان رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن فضلالعلم خير من فضل العبادة، وخير دينكم الورع » ، وعنه صلى الله عليه وسلم « أنه دعالابن عباس رضي الله عنهما، فقال: اللهم فقّهُّ في الدين وعلمه التأويل » وصحَّ عنهصلى الله عليه وسلم أنه قال: « من سلك طريقاً يطلب فيه علماً، سلك الله له بهطريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم يستغفرله من في السماوات ومن في الأرض، حتى الحيتان في البحر، وفضل العالم على العابدكفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورّثواديناراً ولا درهماً، إنما ورّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر ».

وعن أنسبن مالك رضي الله عنه وأرضاه، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « طلبالعلم فريضة على كل مسلم »، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسولالله صلى الله عليه وسلم: « العلم عِلْمان، علم في القلب فذاك العلم النافع، وعلمعلى اللسان فذاك حجة الله على ابن آدم ».

« وعن أبي هريرة رضي الله عنهوأرضاه، وعن ابن عمر أيضاً قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يحمل من هذاالعلم من كل خلف عُدُولُه ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويلالجاهلين » حديث حسن لغيره.

وعن حميد بن عبد الرحمن قال: سمعت معاوية رضيالله عنه وأرضاه خطيباً يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « من يردالله به خيراً يفقه في الدين » مفهوم المخالفة أن من لم يرد الله به خيراً لا يفقهفي الدين .

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: "تعلّموا العلم وعلّموهالناس، وتعلّموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلمتم منه ولمنعلمتموه".
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه في وصيته للكميل قال: "العلمخير من المال؛ العلم يحرسك و أنت تحرس المال، والعلم حاكم والمال محكوم عليه، المالتنقصه النفقة والعلم يزكوا بالإنفاق. العالم أفضل من الصائم القائم المجاهد سلم فيالإسلام سلمة لا يسد".
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: "أُغدُعالماً أو متعلماً، ولا تغدوا بين ذلك" أو قال "كن عالماً أو متعلماً ولا تكنالثالثة فتهلك".
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه: "تعلموا العلم فإن تعلّمهلله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمهصدقة، وبذله لأهله قربة، لأنه معالم الحلال والحرام، والأنيس في الوحشة، والصاحب فيالخلوة، والدليل على السراء والضراء، والدين عند الأخلاق، والقرب عند الغرباء، يرفعالله به أقواماً فيجعلهم في الخلق قادة يقتدى بهم، وأئمة في الخلق يقتفي آثارهم، وينتهى إلى رأيهم، وترغب الملائكة في حبّهم بأجنحتها تمسحهم، حتى كل رطب ويابس لهممستغفِر، حتى الحيتان في البحر وهوام وسباع البر وأنعامه، والسماءونجومها.

ولأن العلم حياة القلوب من العمى، ونور الأبصار من الظلم، وقوةالأبدان من الضعف، يبلغ به العبد منازل الأحرار، ومجالسة الملوك، والدرجات العلا فيالدنيا والآخرة، والفكر به يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام به يطاع الله عز وجل،ويعبد به الله جل وعلا، وبه توصل الأرحام وبه يعرف الحلال من الحرام، إمام العمل؛والعمل تابع له، يُلْهَمُه السعداء ويُحْرَمُهُ الأشقياء".

و قال أيضاً رضيالله عنه وأرضاه: "العالم والمتعلم في الأجر سواء، وسائر الناس همج لا خير فيهم"،فأربأ بنفسك -أخي- وكن عالماً أو متعلماً.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه وأرضاه: "مثلالعلماء في الناس كمثل النجوم في السماء يهتدى بها".
قال فضيل بن غزوانرحمه الله: "كنا نجلس أنا وابن شبرمة وأناس نتذاكر الفقه، ربما لم نقم حتى نسمعالنداء" أي نداء صلاة الفجر.
قال الإمام أحمد: "الناس إلى العلم أحوج منهم إلىالطعام و الشراب؛ لأن الرجل يحتاج إلى الطعام والشراب في اليوم مرة أو مرتين فيحاجته إلى العلم بعدد أنفاسه".

العلماء هم السادة وهم القادة الأخلاء وهممنارات الأرض، العلماء ورثة الأنبياء وهم خيار الناس المراد بهم خيراً،المستَغْفَرِ لهم.

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « إنما العلماء همورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، و إنما ورثوا العلم فمنأخذه أخذ بحظ وافر ».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أنه مرّ بأناس يتشاغلونبالتجارة فقال: "أنتم هنا، وميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقسم فيالمساجد؟!" ذهبوا فوجدوا حلق العلم وحلق الذكر.
وعن أبي أمامة رضي الله عنهوأرضاه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « فضل العالم علي العابد كفضليأنا على أدناكم »، ويا لها من مكانة!!
العالم يأخذ مكانة الرسول صلى الله عليهوسلم، ولا يفرق بين النبي وبين العالم إلا درجة النبوة.

وروى أحمد بإسنادصحيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه وأرضاه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهقال: « الناس معادن، فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا مناط الخيرية » بالتفقه في الدين.
و قال صلى الله عليه وسلم: « إن الله وملائكته وأهل السمواتوالأرض، حتى النملة في حجرها وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير ».

والعلماء هم أخشى الناس لله، وهم أعبد الناس لله تعالى؛ قال تعالى مادحاًإياهم { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } أي الخشية كلالخشية في قلوب العلماء الذين تعلّموا العلم وصدَقوه عملاً لله جل وعلا. قال ابنمسعود: "كفى بخشية الله علماً، وكفى بالأغترار لله جهلاً". وقيل للشعبي: "يا عالم"،قال: "أنظروا ما تقولون؛ إنما العالم من يخشى الله".

وقال أبو هريرة رضيالله عنه وأرضاه: "لكل شيء عماد، وعماد هذا الدين الفقه، وما عُبِدَ الله بشيء أفضلمن فقه في الدين، ولفقيه واحد أشدُّ على الشيطان من ألف عابد". وقال علي بن أبيطالب: :"العلم يُكسِب العالم طاعة في حياته، وجميل الثناء بعد وفاته، وهل بعد هذامن خَلَف!!".

وقال المزني: روي عن ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: "إن الشياطين قالوا لإبليس: يا سيدنا ما لنا نراك تفرح بموت العالم ولا تفرح بموتالعابد، والعالم لا نصيب منه والعابد نصيب منه؟ قال: أنطلقوا، فأنطلقوا إلى عابدفأتوه فقالوا: نريد أن نسألك، فقال إبليس: هل يقدر ربك أن يجعل الدنيا في جوف بيضة؟فقال هذا الجاهل الذي تعبَّد لله بالجهل فقال: لا أدري، فقالوا: أترونه كفر فيساعة؟ ثم جاوزوه إلى عالم في حلقته يُضحك أصحابه ويحدّثهم، فقالوا: نريد أن نسألك،فقال: سلوا، فقالوا: هل يقدر ربك أن يجعل الدنيا في جوف بيضة؟ فقالوا: نعم! قالوا: كيف؟ فقال: يقول كن، فيكون! فقال إبليس: أترون هذا أم العابد؟؟ العابد لا يعدوانفسه، وهذا -أي العالم- يفسد على عالمَ كثيرة -أي بتعليمه للناس".

والعلماءأخي الكريم، هم الأعلام على طريق الهدى، وهم كالنجوم يُهتدى بهم؛ وقد قال تعالى { وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ }.

قال رسول الله صلى الله عليهوسلم في فضل العلماء: « فضل العالم على العابد كفضل القمر في ليلة البدر على سائرالكواكب »، وشتان، شتان بين القمر وسائر الكواكب.

قال أبو الدرداء: "مثلالعالم في الناس كمثل النجوم في السماء يهتدى بها"، والجهّال في ظلمة لم يستضيئوابنور العلم ولا بنور العلماء. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه عنهمالجهّال-: "يميلون مع كل راع لم يتضيئوا بنور العلم" أي لم يحصل لهم من العلم نوريفرّقون به بين الحق والباطل لعدم متابعتهم للعلماء، وعدم تعلمهم منهم العلم.

والعلماء -أخي الكريم- هم أحق الناس بالمحبة والتعظيم والتوقير بعد اللهوبعد رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال علي بن أبي طالب: "محبة العالم دين يُدانبه"؛ وذلك لأن العلم ميراث الأنبياء والعلماء ورثته. وأيضاً، فإن محبة العالم تحملعلى تعلّم علمه واتّباعه، والعمل بذلك دين يدان به؛ وذلك لأن العلم ميراث الأنبياءوالعلماء ورثته.

والعلماء هم أرقى الناس منزلة في الدنيا قبل الآخرة، أحقالناس أن تشرأبَّ لهم الأعناق وتتطلع لما عندهم، بل الغبطة تكون على هؤلاء كما قالالنبي صلى الله عليه وسلم: « لا حسد إلا في أثنتين رجل أتاه الله مالا فسلطه عليهلكته في الحق و رجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها و يعلمها »، فيحد المرء بإحسانهإلى الناس بالعلم والمال. رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنهوأرضاه.

وروى أحمد و الترمذي عن أبي كبشة الناري رضي الله عنه عن النبي صلىالله عليه وسلم أنه قال: « إنما الدنيا لأربعة نفر، عبد رزقه الله مالاً و علماًفهو يتّقي في ماله ربه ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقه، فهذا بأحسن المنازل عندالله جل وعلا، ورجل آتاه الله علمه ولم يؤته مالاً، فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملتبعمل فلان، فهو بنيّته، وهما في الأجر سواء ».

قال إبراهيم بن أدهم: "لوعلِم الملوك ما نحن فيه من لذيذ العيش لجالدونا عليه بالسيوف".
وقال ابن الجوزي: "والله ما أعرف من عاش رفيع الصدر بالغ من اللذات ما لم يبلغ غيره إلا العلماء، فإنلذة العلم تزيد على كل لذة".

روى مسلم أن نافع بن الحارث أتى عمر بن الخطابرضي الله عنه وأرضاه وهو بعفسان، وكان قد أستعمله على أهل مكة فقال له: "من أستخلفتعلى أهل الوادي؟" فقال: "أستخلفت عليه بن أبجه" فقال: "من ابن ابجه؟" قال: "رجل منموالينا"، فقال عمر: "أستخلفت عليهم مولى؟" فقال: "إنه قارئ لكتاب الله، عالمبالفرائض" فقال عمر: "ألا إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله يرفع بهذاالعلم أقواماً ويضع به آخرين »". وقال سفيان بن عيينة: "أرفع الناس منزلة عند اللهمن كان بين الله وبين عباده، وهم الأنبياء والعلماء".

وقف الزهري على عبدالملك بن مروان فقال له: "من أين قدمت؟" قال: "قدمت من مكة"، قال: "ومن خلفتيسودها؟" قال: "عطاء بن أبي رباح" فقال: "أمن العرب هو أم من الموالي؟" قال: "منالموالي" قال: "فبمَ سادهم؟" قال: "بالديانة والرواية"، ثم سأله عن اليمن ومصروالشام وأهل الجزيرة والبصرة، وهو يذكر له السادة، ويسأله من العرب هم أم منالموالي، فيقول "من الموالي"، فذكر طاووس بن كيسان ويزيد بن أبي حبيب والحسنالبصري، ثم ساله عن الكوفة فقال "إبراهيم النخي، أمن العرب هو؟" قال "نعم من العرب" فقال عبد الملك: "ويلك! فرذجت عني، والله ليسودن الموالي على العرب في هذا البلد"،فقال له: "يا أمير المؤمنيين، إنما هو دين من حفظه ساد".

حقاً!! "إنما هودين من حفظه ساد"..
و يا له من دين لو أن له رجال..

ماالفخر إلا لأهل العلم إنهـم ……. على الهدى لمن استهدى أدلاّء
وقد كلّ امرئما كان يحسنه ……. والجــاهــلون لأهل العلم أعداء
ففــز بعلــم تعــش حياًبه أبداً ……. الناس موتى وأهل العلم أحيـاء

الناس موتى وأهل العلمأحياء


سبحان الله و بحمده

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.