تخطى إلى المحتوى

نظرية الذكاءات المتعددة للمعلم السعودي

نظرية الذكاءات المتعددة:
يقترح جاردنير Gardner (1983) مقاربة جديدة للذكاء، مختلفة عن المقاربة التقليدية (المعامل العقليQ.I)، وهي مقاربة مبنية على تصور جذري للذهن البشري، وتقود إلى مفهوم تطبيقي جديد ومختلف للممارسة التربوية والتعليمية في المدرسة.
8 ـ مؤشرات لاكتشاف الذكاءات المتعدّدة لدى المتعلمين:
إن الممارسة التربوية والتعليمية، والاحتكاك اليومي للمدرسين بطلابهم، في مختلف المستويات التعليمية، يساعدهم على التعرف على أنواع الذكاءات التي لديهم، هذا فضلاً عما تقدمه مختلف أنواع القياس وجميع المعطيات المختلفة عنهم، من مصادر مختلفة، وبخاصة لدى أفراد الأسرة على توضيح ميولهم واهتماماتهم، وفيما يلي نعرض لبعض المؤشرات السلوكية المساعدة على التعرف على أنواع الذكاءات لدى المتعلمين، بقصد مساعدتهم على التعلم المثمر والفعّال.
أ ـ الذكاء اللغوي: من الممكن التعرف على الذكاء اللغوي لدى تلميذ ما من خلال المؤشرات التالية: القدرة على الحفظ بسرعة/ وحب التحدث/ والرغبة في سماع الأسطوانات/ والألعاب اللغوية/ وإظهار رصيد لغوي متنام/ والشغف بقراءات الملصقات وقصّ الحكايات(4).
ب ـ الذكاء المنطقي ـ الرياضي: يمكن التعرف على هذا الذكاء لدى المتعلمين من خلال المؤشرات التالية:
إبداء الرغبة في معرفة العلاقات بين الأسباب والمسببات، والقيام بتصنيف مختلف الأشياء ووضعها في فئات، والقيام بالاستدلال والتجريب. الرغبة في اكتشاف الأخطاء فيما يحيط بهم من أشياء، وتتميز مطالعتهم بالإقبال على كتب العلوم، أكثر من غيرها.
ج ـ الذكاء التفاعلي: يمكن التعرف على هذا الذكاء لدى التلميذ من خلال المؤشرات التالية:
إنه حساس لمشاعر الغير، ويكوِّن أصدقاءه بسرعة، ويسرع إلى التدخل كلما شعر بوجود مواقف صراع أو سوء تفاهم، كما يميل إلى إنجاز الأنشطة في جماعة، فهو يستوعب بشكل أفضل إذا ذاكر دروسه مع زملائه، وهو يطلب مساعدة الغير، عوض أن يحل مشاكله بمفرده، كما يختار الألعاب التي يشارك فيها الغير. وهو غير ضنين على غيره، بما يعرفه أو يتعلمه، وهو يحس بالاطمئنان داخل جماعته، كما قد يظهر سلوكه صفات الزعيم.
د ـ الذكاء الذاتي: من مؤشرات التعرف على هذا الذكاء لدى المتعلمين، المميزات التالية:
إنهم كثيراً ما يستغرقون في التأمل، ولديهم آراء محددة، تختلف في معظم الأحيان عن آراء الغير، ويبدون متأكدين مما يريدون من الحياة، ويعرفون نقاط القوة والضعف في شخصيتهم، ويفضلون الأنشطة الفردية، ولهم إرادة صلبة، ويحبون الاستقلال، ولهم مشاريع يسعون إلى تحقيقها.
هـ ـ الذكاء الجسمي ـ الحركي: من مؤشرات التعرف على الذكاء الجسمي الحركي، ما يلي:
إن أصحابه قد مشوا في صغرهم مبكراً، فهم لم يحبوا طويلاً، إنهم ينجذبون نحو الرياضة والأنشطة الجسمية، إنهم لا يجلسون وقتاً طويلاً، فهم في نشاط مستمر، وهم يحبون الرقص والحركة الإبداعية، كما أنهم يحبون العمل باستخدام أيديهم في أنشطة مشخصة كالعجين والصباغة.. إلخ، ويحبون التواجد في الفضاء، ويحتاجون إلى الحركة حتى يفكروا، وكثيراً ما يستخدمون أيديهم وأرجلهم عندما يفكرون، كما يحتاجون إلى لمس الأشياء حتى يتعلموا، كما يفضلون خوض المغامرات الجسمية كتسلق الجبال والأشجار، ولديهم تآزر حركي جيد، ويصيبون الهدف في العديد من أفعالهم وحركاتهم، ويفضلون اختبار الأشياء وتجريبها عوض السماع عنها أو رؤيتها(5).
و ـ الذكاء الموسيقي: يمكن التعرف على الذكاء الموسيقي لدى المتعلمين من خلال المؤشرات التالية: إنهم يغنون بشكل جيد، ويحفظون الأغاني بسرعة، ويحبون سماع الموسيقى والعزف على آلاتها، كما أن لهم حسّ الإيقاع وقد يحدثونه بأصابعهم وهم يعملون، ولهم القدرة على تقليد أصوات الحيوانات أو غيرها(6).
ز ـ الذكاء البصري الفضائي: يمكن التعرف على هذا الصنف من الذكاء لدى المتعلمين من خلال المؤشرات التالية: إنهم يستجيبون بسرعة للألوان، وكثيراً ما يندهشون للأشياء التي تثيرهم، وقد يصفون الأشياء بطرق تنمّ عن خيال، ويتميزون بأحلام حية، والقدرة على تصور للأشياء والتأليف بينها وإنشاء بنيات. وقد يقال إنهم "يبنون قصوراً من الرمال"، وهم من صنف المتعلمين الذين يحبون الرسم والصباغة، ولهم حس فائق في إدراك الجهات، ويجدون أنفسهم بسرعة في بيئتهم، ويدركون الأشكال بدقة، ويحبون الكتب التي تحتوي على عدة صور.
ح ـ الذكاء الطبيعي: يمكن التعرف على مؤشرات هذا الصنف من الذكاء لدى المتعلمين من خلال المظاهر التالية: إنهم يهتمون بالنباتات والحيوانات، ويقومون برعايتها، كما يظهرون شغفاً بتتبع الحيوانات وتربيتها وتصنيفها في فئات، وهم يحبون التواجد باستمرار في الطبيعة، ويقارنون بين حياة مختلف الكائنات الحية، كما تستهويهم المطالعة في كتب الطبيعة(7).
9 ـ الذكاءات وأساليب المتعلمين في التعلم:
إن من بين الفوائد العلمية الهامة لنظرية الذكاءات المتعددة، في مجال الممارسة التعليمية، أنها شخّصت للممارسين التربويين الأساليب التعليمية ـ التعلمية، التي يتعلم بها كل متعلم، وذلك بحسب نوع الذكاء المهيمن عليه، وفيما يلي نعرض للأساليب الخاصة التي يتعلم بها كل طالب يتميز بصنف معين من الذكاء.
أ ـ الذكاء اللغوي: يتميز المتعلم الذي لديه هذا الصنف من الذكاء، بكفاءة السماع، فهو سريع الحفظ لما يسمعه، وما هو مطالب بحفظه، ولا يجد في ذلك أي صعوبة كما أنه يتعلم أكثر عن طريق التعبير بالكلام، وعن طريق السماع والمشاهدة للكلمات.
ب ـ الذكاء المنطقي ـ الرياضي: للمتعلم الذي يتصف بهذا الصنف من الذكاء قدرة فكرية على التصورّ، وله أفكار جريئة، وهو كثير الأسئلة، ودائم التفكير، ويحبّ العمل بواسطة الأشكال والعلاقات والقيام بالتصنيف.
ج ـ الذكاء التفاعلي: إنه متعلم يستوعب أكثر عندما يذاكر مع غيره، وهو يتواصل مع الآخرين بسهولة، ويفهم الآخرين ويتعاون معهم.
د ـ الذكاء الذاتي: يتميز صاحب هذا الذكاء بشخصية قوية وإرادة لمشاعره، وثقة كبيرة في ذاته. وهو يتجنب الأنشطة الجماعية، إذ يفضِّل العمل بمفرده وإنجاز المشاريع حسب إيقاعه الخاص.
هـ ـ الذكاء الجسمي ـ الحركي: يتميز بأن له مهارة جسمية ـ حركية، ويكتسب المعارف عن طريق الحركة، وهو يبرهن عن حركة دقيقة، ويفضل معالجة المعارف بواسطة الإحساس الجسدي.
و ـ الذكاء الموسيقي: إنه متعلم حسّاس تجاه إيقاعات اللغة والأصوات، وقادر على التعبير عن أفكاره بطريق جد محددة عن طريق الموسيقى، وهو يستجيب للموسيقى بطرق مختلفة.
ز ـ الذكاء الفضائي: إنه متعلم يميل إلى التفكير باستخدام الصور والألوان، ويدرك موضوع الأشياء وله ذاكرة بصرية.
ح ـ الذكاء الطبيعي: يحبُّ التعلم الحي وبخاصة الحقائق المستوحاة من الواقع الطبيعي.
وهكذا، ومن خلال ما تقدم، نرى أن نظرية الذكاءات المتعدِّدة عملت على إدخال هواءٍ جديد ومنعش على الصفوف الدراسية، وعلى الممارسة التعليمية بوجه خاص، وأمدّتها بنفس جديد في مطلع الألفية الثالثة، حيث أولت الاهتمام للمتعلم قبل الاهتمام بالمواد الدراسية، وأعطته الفاعلية المطلوبة والأساسية للتعلم، وقامت برعاية قدراته لتتبلور وتتفتح بشكل يحقق ذاته، كما أنها وطدت علاقة التواصل بين المعلم والمتعلم، وألغت الأحكام المسبقة على المتعلمين، ووصفهم بنعوت سلبية كلما لم يستجيبوا لإيقاعات تعليمية تعلمية معينة، كما أنها عملت على مراجعة مفاهيم الذكاء الكلاسيكية، ووضعت عوضه مفهوماً إجرامياً جديداً، يخدم المتعلم ويخدم ثقافته الاجتماعية.
إن المنظومة التربوية في عالمنا العربي، بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في أهدافها ومضامينها ووسائلها، لتكون هذه المنظومة أداة تطوير وتغيير بناء، لمواجهة تحديات الألفية الثالثة، عصر العولمة الشرسة، وعصر طريق السيار المعرفي، وعصر الشبكة المعرفية الدولية، ومن ثمة، فإن الاهتمام بغرس كل أصناف الذكاء الإنساني، وكل ما يرتبط بها من كفاءات وقدرات لدى المتعلمين، من خلال إعدادهم وتكوينهم، لهو أمر حيوي يفرض نفسه اليوم قبل أي وقت مضى، في خضمّ الصراعات الدولية القائمة بين الشعوب، من أجل تحقيق ذواتها، وفرض قيمتها ومكانتها في عالم جديد ومتطور، البقاء فيه للأصلح والأفيد.
ملخص البحث
يعرض البحث مقاربة الذكاءات المتعددة (M1)، باعتبارها نظرية سيكولوجية جديدة، في مجال علم النفس المعرفي،ـ يفيد توظيفها في مجال الممارسة التربوية والتعليمية لتجديد وتفعيل التعليم والتعلم، الذي عرفت طرقه ركوداً كبيراً في مدارسنا.
إن مقاربة الذكاءات المتعددة أحدثت منذ ظهورها انقلاباً جذرياً في أساليب التدريس، فقد غيرت نظرة المدرسين إلى المتعلمين وإلى أساليب تعليمهم وتعلمهم، كما أنها مقاربة رفضت المفهوم الكلي للذكاء، وتقدمت بمفهوم علمي جديد، يبعده عن الطابع التجريدي، ويعتبر في الوقت ذاته كل الناس أذكياء، كلٌّ بحسب نوع قدراته وكفاءته وما ينتجه، للمساهمة في تطوير بيئته وتنمية إمكاناته الذاتية.


سبحان الله و بحمده

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.