الإسراف والتبذير تحقيق صحفي – تعبير – المرحلة المتوسطة
إن المال من نعم الله على العباد ، و هو نوع من أنواع الزينة في هذه الحياة الدنيا : ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَ خَيْرٌ أَمَلاً ) ( الكهف : 46 ) .
و لا شك أن المال ضروري لقيام حياة الناس في مصالحهم و معاشهم ، والعقلاء من الناس يعلمون هذه الحقيقة ، ولهذا تراهم لا يبددون أموالهم فيما لا يجدي نفعا في دنياهم أو أخراهم .
و كما أمر الله تعالى أن يكتسب العباد أموالهم من حلال طيب كما في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً ) ( البقرة : من الآية168 ) فإنه نهاهم عن إضاعة المال و إعطائه السفهاء فتفوت بذلك مصالح كثيرة و يكون الفقر والحاجة : ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً ) ( النساء : من الآية5 ) . و قد ثبت عن النبي ( ص ) قوله : "إن الله كره لكم ثلاثا" و ذكر منها "إضاعة المال" .
من أجل ذلك حرم الله الاعتداء على الأموال بأي صورة من الصور فقال عز و جل : ( وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَ تُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) ( البقرة : 188 ) .
كما حرم السرقة و وضع حدا للسارق يقام عليه بعد ثبوت ارتكابه السرقة : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( المائدة : 38 ) . إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة التي تحرم الاعتداء على الأموال و إضاعتها.
و من صور إضاعة المال الإسراف ، والإسراف في اللغة هو مجاوزة الحد ، و يعرفه الجرجاني بأنه مجاوزة الحد في النفقة . والإسراف كما يكون من الغني فإنه يكون من الفقير ، و لهذا قال سفيان الثوري رضي الله عنه : "ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف ، و إن كان قليلاً" ، و كذا قال ابن عباس رضي الله عنه : "من أنفق درهماً في غير حقه فهو سرف ".
الشرع ينهى عن الإسراف
و لأن الإسراف من مساوىء الأخلاق التي تعود على صاحبها و على المجتمع والأمة بالكثير من الأضرار فإن الله عز و جل قد نهى عباده عنه فقال : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ كُلُوا وَاشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) ( الأعراف : 31 ) .
و قال تعالى ممتدحا أهل الوسطية في النفقة الذين لا يبخلون و لا يسرفون : ( وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ) ( الفرقان : 67 ).
و قال عز و جل : ( وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ) ( الإسراء : 29 ) .
و قال النبي ( ص ) : " كلوا واشربوا و تصدقوا من غير سرف و لا مخيلة ".
والأدلة في هذا كثيرة .
و من أسباب الإسراف :
للإسراف والتبذير أسباب و بواعث توقع فيه ، و تؤدي إليه ، و نذكر منها :
1 ـ جهل المسرف بتعاليم الدين الذي ينهى عن الإسراف بشتى صوره ، فعاقبة المسرف في الدنيا الحسرة والندامة ( و لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك و لا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً ) و في الآخرة العقاب الأليم والعذاب الشديد ( و أصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم و حميم و ظل من يحموم لا بارد و لا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين ) … ومن نتيجة جهل المسرف بتعاليم الدين مجاوزة الحد في تناول المباحات ، فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى السمنة و ضخامة البدن و سيطرة الشهوات ، وبالتالي الكسل والتراخي ، مما يؤدي به إلى الإسراف .
2 ـ النشأة الأولى : فقد يكون السبب في الإسراف إنما هي النشأة الأولى ، أي الحياة الأولى ، ذلك أن الفرد قد ينشأ في أسرة حالها الإسراف والبذخ ، فما يكون منه سوى الاقتداء والتأسي ، و صدق من قال :
و ينشأ ناشىء الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه
3 ـ الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا و قد يكون السبب في الإسراف إنما هو الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا و ما ينبغي أن تكون ، ذلك أن طبيعة الحياة الدنيا أنها لا تثبت و لا تستقر على حال واحدة . والواجب يقتضي أن نضع النعمة في موضعها ، و ندخر ما يفيض عن حاجتنا الضرورية اليوم من مال و صحة إلى وقت آخر.
4 ـ السعة بعد الضيق أو اليسر بعد العسر، ذلك أن كثيراً من الناس قد يعيشون في ضيق أو حرمان أو شدة أو عسر ، فإذا هم صابرون محتسبون ، و قد يحدث أن تتبدل الأحوال فتكون السعة بعد الضيق ، أو اليسر بعد العسر ، و حينئذ يصعب على هذا الصنف من الناس التوسط أو الاعتدال فينقلب على النقيض تماماً ، فيكون الإسراف والتبذير.
5 ـ صحبة المسرفين : و قد يكون السبب في الإسراف إنما هي صحبة المسرفين و مخالطتهم ، ذلك أن الإنسان غالباً ما يتخلق بأخلاق صاحبه و خليله ، إذ أن المرء كما قال ( ص ) : "على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل".
6 ـ حب الظهور والتباهي : و قد يكون الإسراف سببه حب الشهرة والتباهي أمام الناس رياء و سمعة والتعالي عليهم ، فيظهر لهم أنه سخي و جواد ، فينال ثناءهم و مدحهم ، لذا ينفق أمواله في كل حين و بأي حال ، و لا يهمه أنه أضاع أمواله وارتكب ما حرم الله .
7 ـ المحاكاة والتقليد : و قد يكون سبب الإسراف محاكاة الغير و تقليدهم حتى لا يوصف بالبخل ، فينفق أمواله كيفما كان من غير تبصر أو نظر في العاقبة التي سينتهي إليها .
من صور الإسراف في واقعنا
هناك صور كثيرة في دنيا الناس حين يراها العبد بمنظار الشرع يراها إسرافا و تبذيرا و تجاوزا للحدود ، قد أشار أبو الحسن الماوردي رحمه الله إلى كثير منها حين قال :
( من التبذير أن ينفق ماله فيما لا يجدي عليه نفعاً في دنياه و لا يكسبه أجراً في أخراه ، بل يكسبه في دنياه ذماً و يحمل إلى آخرته إثماً كإنفاقه في المحرمات و شرب الخمر و إتيان الفواحش و إعطائه السفهاء من المغنين والملهين والمساخر والمضحكين ، و من التبذير أن يشغل المال بفضول الدور التي لا يحتاج إليها و عساه لا يسكنها أو يبنيها لأعدائه و لخراب الدهر الذي هو قاتله و سالبه ، و من التبذير أن يجعل المال في الفُرش الوثيرة والأواني الكثيرة الفضية والذهبية التي تقل أيامه و لا تتسع للارتفاق بها …" ثم يقول : " و كل ما أنفقه الإنسان ما يكسبه عند الله أجراً و يرفع له إليه منزلة ، أو يكسب عند العقلاء و أهل التمييز حمداًً فهو جود و ليس بتبذير و إن عظم و كثر . و كل ما أنفقه في معصية الله التي تكسبه عند الله إثماً و عند العقلاء ذماً فهو تبذير و إن قلّ … ) .
فإنفاق المال على الدخان والمخدرات والمسكرات من أعظم صور الإسراف والتبذير ، و إنفاقه في فضول الطعام والشراب بل و رمي الطعام والشراب في القمامة من صور الإسراف والتبذير ، والعجيب أن بعض الدول الإسلامية تبلغ نسبة فضلات الأطعمة الملقاة في القمامة فيها 45% ، أليس هذا إسرافا و تبذيرا ؟!
ثم إن من صور الإسراف والتبذير متابعة الموضة والانشغال بجنون الأزياء والاستجابة لضغوط الحملات الإعلامية الصاخبة التي تحمل كثيرا من متابعيها على شراء ما لا يحتاجون .
وبالجملة فإن صور الإسراف والتبذير كثيرة ، نسأل الله أن يقينا والمسلمين شرها ، و أن يجنبنا جميعا كل مكروه و سوء ، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
سبحان الله و بحمده
إن المال من نعم الله على العباد ، و هو نوع من أنواع الزينة في هذه الحياة الدنيا : ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَ خَيْرٌ أَمَلاً ) ( الكهف : 46 ) .
و لا شك أن المال ضروري لقيام حياة الناس في مصالحهم و معاشهم ، والعقلاء من الناس يعلمون هذه الحقيقة ، ولهذا تراهم لا يبددون أموالهم فيما لا يجدي نفعا في دنياهم أو أخراهم .
و كما أمر الله تعالى أن يكتسب العباد أموالهم من حلال طيب كما في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً ) ( البقرة : من الآية168 ) فإنه نهاهم عن إضاعة المال و إعطائه السفهاء فتفوت بذلك مصالح كثيرة و يكون الفقر والحاجة : ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً ) ( النساء : من الآية5 ) . و قد ثبت عن النبي ( ص ) قوله : "إن الله كره لكم ثلاثا" و ذكر منها "إضاعة المال" .
من أجل ذلك حرم الله الاعتداء على الأموال بأي صورة من الصور فقال عز و جل : ( وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَ تُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) ( البقرة : 188 ) .
كما حرم السرقة و وضع حدا للسارق يقام عليه بعد ثبوت ارتكابه السرقة : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( المائدة : 38 ) . إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة التي تحرم الاعتداء على الأموال و إضاعتها.
و من صور إضاعة المال الإسراف ، والإسراف في اللغة هو مجاوزة الحد ، و يعرفه الجرجاني بأنه مجاوزة الحد في النفقة . والإسراف كما يكون من الغني فإنه يكون من الفقير ، و لهذا قال سفيان الثوري رضي الله عنه : "ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف ، و إن كان قليلاً" ، و كذا قال ابن عباس رضي الله عنه : "من أنفق درهماً في غير حقه فهو سرف ".
الشرع ينهى عن الإسراف
و لأن الإسراف من مساوىء الأخلاق التي تعود على صاحبها و على المجتمع والأمة بالكثير من الأضرار فإن الله عز و جل قد نهى عباده عنه فقال : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ كُلُوا وَاشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) ( الأعراف : 31 ) .
و قال تعالى ممتدحا أهل الوسطية في النفقة الذين لا يبخلون و لا يسرفون : ( وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ) ( الفرقان : 67 ).
و قال عز و جل : ( وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ) ( الإسراء : 29 ) .
و قال النبي ( ص ) : " كلوا واشربوا و تصدقوا من غير سرف و لا مخيلة ".
والأدلة في هذا كثيرة .
و من أسباب الإسراف :
للإسراف والتبذير أسباب و بواعث توقع فيه ، و تؤدي إليه ، و نذكر منها :
1 ـ جهل المسرف بتعاليم الدين الذي ينهى عن الإسراف بشتى صوره ، فعاقبة المسرف في الدنيا الحسرة والندامة ( و لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك و لا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً ) و في الآخرة العقاب الأليم والعذاب الشديد ( و أصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم و حميم و ظل من يحموم لا بارد و لا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين ) … ومن نتيجة جهل المسرف بتعاليم الدين مجاوزة الحد في تناول المباحات ، فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى السمنة و ضخامة البدن و سيطرة الشهوات ، وبالتالي الكسل والتراخي ، مما يؤدي به إلى الإسراف .
2 ـ النشأة الأولى : فقد يكون السبب في الإسراف إنما هي النشأة الأولى ، أي الحياة الأولى ، ذلك أن الفرد قد ينشأ في أسرة حالها الإسراف والبذخ ، فما يكون منه سوى الاقتداء والتأسي ، و صدق من قال :
و ينشأ ناشىء الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه
3 ـ الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا و قد يكون السبب في الإسراف إنما هو الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا و ما ينبغي أن تكون ، ذلك أن طبيعة الحياة الدنيا أنها لا تثبت و لا تستقر على حال واحدة . والواجب يقتضي أن نضع النعمة في موضعها ، و ندخر ما يفيض عن حاجتنا الضرورية اليوم من مال و صحة إلى وقت آخر.
4 ـ السعة بعد الضيق أو اليسر بعد العسر، ذلك أن كثيراً من الناس قد يعيشون في ضيق أو حرمان أو شدة أو عسر ، فإذا هم صابرون محتسبون ، و قد يحدث أن تتبدل الأحوال فتكون السعة بعد الضيق ، أو اليسر بعد العسر ، و حينئذ يصعب على هذا الصنف من الناس التوسط أو الاعتدال فينقلب على النقيض تماماً ، فيكون الإسراف والتبذير.
5 ـ صحبة المسرفين : و قد يكون السبب في الإسراف إنما هي صحبة المسرفين و مخالطتهم ، ذلك أن الإنسان غالباً ما يتخلق بأخلاق صاحبه و خليله ، إذ أن المرء كما قال ( ص ) : "على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل".
6 ـ حب الظهور والتباهي : و قد يكون الإسراف سببه حب الشهرة والتباهي أمام الناس رياء و سمعة والتعالي عليهم ، فيظهر لهم أنه سخي و جواد ، فينال ثناءهم و مدحهم ، لذا ينفق أمواله في كل حين و بأي حال ، و لا يهمه أنه أضاع أمواله وارتكب ما حرم الله .
7 ـ المحاكاة والتقليد : و قد يكون سبب الإسراف محاكاة الغير و تقليدهم حتى لا يوصف بالبخل ، فينفق أمواله كيفما كان من غير تبصر أو نظر في العاقبة التي سينتهي إليها .
من صور الإسراف في واقعنا
هناك صور كثيرة في دنيا الناس حين يراها العبد بمنظار الشرع يراها إسرافا و تبذيرا و تجاوزا للحدود ، قد أشار أبو الحسن الماوردي رحمه الله إلى كثير منها حين قال :
( من التبذير أن ينفق ماله فيما لا يجدي عليه نفعاً في دنياه و لا يكسبه أجراً في أخراه ، بل يكسبه في دنياه ذماً و يحمل إلى آخرته إثماً كإنفاقه في المحرمات و شرب الخمر و إتيان الفواحش و إعطائه السفهاء من المغنين والملهين والمساخر والمضحكين ، و من التبذير أن يشغل المال بفضول الدور التي لا يحتاج إليها و عساه لا يسكنها أو يبنيها لأعدائه و لخراب الدهر الذي هو قاتله و سالبه ، و من التبذير أن يجعل المال في الفُرش الوثيرة والأواني الكثيرة الفضية والذهبية التي تقل أيامه و لا تتسع للارتفاق بها …" ثم يقول : " و كل ما أنفقه الإنسان ما يكسبه عند الله أجراً و يرفع له إليه منزلة ، أو يكسب عند العقلاء و أهل التمييز حمداًً فهو جود و ليس بتبذير و إن عظم و كثر . و كل ما أنفقه في معصية الله التي تكسبه عند الله إثماً و عند العقلاء ذماً فهو تبذير و إن قلّ … ) .
فإنفاق المال على الدخان والمخدرات والمسكرات من أعظم صور الإسراف والتبذير ، و إنفاقه في فضول الطعام والشراب بل و رمي الطعام والشراب في القمامة من صور الإسراف والتبذير ، والعجيب أن بعض الدول الإسلامية تبلغ نسبة فضلات الأطعمة الملقاة في القمامة فيها 45% ، أليس هذا إسرافا و تبذيرا ؟!
ثم إن من صور الإسراف والتبذير متابعة الموضة والانشغال بجنون الأزياء والاستجابة لضغوط الحملات الإعلامية الصاخبة التي تحمل كثيرا من متابعيها على شراء ما لا يحتاجون .
وبالجملة فإن صور الإسراف والتبذير كثيرة ، نسأل الله أن يقينا والمسلمين شرها ، و أن يجنبنا جميعا كل مكروه و سوء ، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .