أطفال اليوم وعالم الحاسوب
تمارا المراعبة – حل علينا جهاز الحاسوب ضيفا جديدا في بيوتنا، واصبح جزءا اساسيا من حياتنا، لا نستطيع العيش من دونه … فالام ترى فيه المنقذ الوحيد لها خلال الاجازة الصيفية فتجعل الاطفال يمكثون امامه ساعات النهار متنقلين بين الالعاب وافلام الرسومات المتحركة ، وتتفرغ هي لاعمالها ،والاب يجد فيه المنقذ خلال الليل فيجعل الاطفال يمكثون امامه ليتفرغ هو لمتابعة التلفاز متنقلا بين نشرات الاخبار والبرامج المختلفة.
وخلال العام الدراسي تبدأ الصراعات بين الاهل وابنائهم فنحن نطلب من ابناءنا التوجه للدراسة ويكون الحاسوب بمثابة جائزة للطفل ان انجز واجباته المدرسية بسرعة، في حين أنهم يريدون اللعب على هذا الجهاز كل الوقت ،وان اقتنعوا وقاموا بالدراسة اولا فانها قد تكون بغير تركيز لانشغالهم بالالعاب والانترنت واصدقاء الشات … الخ
ولكن دعونا نسأل بعض الاسئلة والتي قد تساعد في سد الفجوة بين الاهل وابنائهم: ما هي الاثار الاجتماعية الناجمة عن استخدام الحاسوب ؟ وما هي السن المناسبة للطفل ليبدأ باستخدام الحاسوب؟ وكيف يؤثر الحاسوب على تماسك وترابط الأسرة؟
كثرة استخدام الحاسوب من قبل الطفل تجعله أناني وانطوائي ومنعزل ، فهو لا يلعب ولا يتحدث مع اخوته وان تحدث فان الحديث لا يتعدى الشجار حول دور من في استخدام الحاسوب و اللعب الان،وقد لا يفرح لمجيء الاقارب لزيارته حتى لو كان معهم اطفال من عمره ،ففي دراسة قدمها د. ميرون أورلينس في مؤتمر (الأسرة والتكنولوجيا والتعليم) بجامعة إلينوي 1997م، أكد أن استخدام الطفل للحاسوب ربما يؤثر على حياته الشخصية وعلاقاته الأسرية وعلاقاته بالأصدقاء، وحذر من تصاعد المخاوف من ضعف النمو الاجتماعي للطفل، وقال إن هذه المخاوف ليست جديدةً حيث أكدت الدراسات أن الدوائرَ الإلكترونية مثل التليفزيون والحاسوب وألعاب الفيديو لها نفس الخطورة على التفاعل الاجتماعي للطفل.
بينما تعرضت جوليا بيرنس في دراسة لها عن (أثر استخدام الكمبيوتر في الطفولة المبكرة على النمو الاجتماعي) لأهمية مرحلة الطفولة المبكرة في النمو الاجتماعي؛ حيث يكتسب الطفل المهارات الاجتماعية، وبالتالي يحتاج للاندماج في أنشطة اجتماعية وتفاعلية، وأكدت أن معظم الأسر للأسف تترك الطفل يستخدم الحاسوب على نحوٍ غير ملائم وفي سن مبكرة جدًا.
كما ان معظم الالعاب تتسم بالسرعة والعنف،مما يجعل الطفل مفتقدا للصبر وسريع الغضب ومحبا للعنف مع ابويه واصدقائه .. وتعارض جان هيلى المتخصصة في مجال الطفولة فكرة استخدام الطفل للحاسوب في طفولته المبكرة، وأكدت أنه ليس بحاجةٍ له قبل سن السابعة؛ لأن ذلك يعيق عملية النمو الاجتماعي لديه؛ حيث إن الطفلَ ما بين الرابعة والسابعة تنمو لديه عدة مهارات مثل استخدام اللغة، وفهم الآخرين، واحترام الآخرين، وقواعد الحوار.. وهذا ما يفتقده الطفل أثناء الجلوس أمام هذا الجهاز حيث يفقد التواصل مع الآخرين.
وتضيف جان أنه في هذه المرحلة تكون عقول الأطفال طيعة وتبدأ القيم والمعتقدات والأفكار في التشكل؛ لذا فمن الخطورة ترك الطفل أمام جهاز الحاسوب ليشكل له هذه المعتقدات.
ويتفق معها جون رسمويند- باحث في مجال الطفولة- في الرأي حيث ذكر أنه رغم إمكان إجادة الطفل لاستخدام الحاسوب في هذه السن إلا أنه ربما يتكون لديه العديد من المشاكل ويفتقد الكثير من المهارات الحياتية التي تتطلب تفكيرًا إبداعيًّا.
والمشكلة الاساسية في كثرة استخدام الحاسوب ، انه يجعل الطفل يتعامل مع عالم افتراضي غير حقيقي ، فعلاقاته الاجتماعية مع الاصدقاء تأتي ضمن مفهوم (العلاقات الالكترونية) بدلا من عمل العلاقات الاجتماعية التقليدية مع اقرانه مما يؤثر سلبا على تطور المهارات الاتصالية مع الاخرين فهو لا يتعرض للانفعالات البشرية كالابتسام والتجهم والملامسة… الخ
ويرجع الدكتور محمد المهدي- رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر- السبب في انشغال الأبناء بالكمبيوتر إلى عنصر الإبهار الذي يتميز به الحاسوب، إضافةً إلى أن النفس البشرية بطبعها تنفر من الأمر والنهي، أما الحاسوب فيقدم المعلومات بشكلٍ جذاب وبدون فرض فيتلقى الطفل الرسالة التربوية العشوائية من الجهاز ويتشكل عقله ووعيه وفكره ووجدانه وسلوكه في هذه المرحلة المبكرة، وهذه الرسالة تتسلل إليه بلا مقاومة بل ربما يكون مستلقيًا على سريره متابعًا لفيلم كارتون.
ويضيف الدكتور المهدي أن الإنسان في حياته يحيا على ثلاثة مبادئ متدرجة من الطفولة إلى المراهقة إلى النضج وهي:
1- مبدأ اللذة في مرحلة الطفولة فينجذب لما يمتعه ويبهجه.
2- فإذا وصل لمرحلة المراهقة يتبع مبدأ الواقع؛ حيث يرى أن هناك أشياء قد تكون مؤلمة أو غير سارة ولكن الواقع يفرضها عليه كالمذاكرة أو مساعدة الأم في بعض الأعمال.
3- فإذا ما وصل الإنسان لمرحلة النضج فإنه يحيا وفق مبدأ الواجب الذي يدفعه لأعمال يفرضها عليه الواجب وليس ما يحقق له المتعة.
وخطورة قضاء الطفل ساعات طويلة أمام الحاسوب أو الإنترنت أنه يرسخ لديه مبدأ اللذة مما يؤدي إلى تمحور الطفل حول ذاته وتقوقعه على نفسه فلا يكون لديه في المستقبل استعداد لتقبل الواقع أو التضحية من أجل الواجب.
ولا نستطيع ان ننكر مزايا الحاسوب المتمثلة في : الدقة في أداء العمل،و السرعة في إنجاز العمل و المرونة، وقدرته على تخزين كميات هائلة من البيانات،وسرعة معالجة واسترجاع البيانات، كذلك لا نستطيع ان نقول بان وجود الحاسوب عاد علينا بالمضرة لا بالمنفعة فاستخداماته متعددة : في التجارة نجد الكمبيوتر في محلات السوبرماركت حيث يقوم البائع بتسجيل عمليات البيع والشراء داخله عن طريق أرقام خاصة bar codeمسجلة على السلع،و في المطارات: حيث يستخدم في تسجيل بيانات المسافرين، وتنظيم إقلاع الطائرات وهبوطها،وفي الشركات والمؤسسات التجارية حيث يقوم بتنظيم كل الأعمال والحسابات وترتيبها وحفظ المستودعات،وفي المستشفيات بواسطة الحاسوب يقوم الطبيب بتنظيم مواعيد المرضى والعمليات الجراحية في المستشفيات والعيادات الطبية،وفي المدارس إذ يقوم المدرس بتدريس التلاميذ على عدد من البرامج التعليمية والألعاب المسلية وإصدار التقارير الشهرية وطباعة الاختبارات،وفي الهندسة: يستعمل الحاسوب في رسم الخرائط الهندسية للمنازل والمدن لذلك نجده في المكاتب الهندسية،وفي البيوت نجد الكمبيوتر يوفر لجميع أفراد الأسرة الألعاب المسلية والمعلومات المفيدة.
نحن لا نقول بان الخطأ هو باقتناء جهاز الحاسوب واستخدامه ، وانما الخطأ في عدم ترشيد استهلاكه ، فلا بد للوالدين ان يقللا من انشغالهما عن اطفالهم وضرورة الحوار معهم بمختلف المواضيع ، مع انشغال الاهل وفقدان الحوار لا يجد الطفل ما يفعله سوى الجلوس امام الحاسوب.
جامعة فيلادلفيا
سبحان الله و بحمده
أطفال اليوم وعالم الحاسوب
تمارا المراعبة – حل علينا جهاز الحاسوب ضيفا جديدا في بيوتنا، واصبح جزءا اساسيا من حياتنا، لا نستطيع العيش من دونه … فالام ترى فيه المنقذ الوحيد لها خلال الاجازة الصيفية فتجعل الاطفال يمكثون امامه ساعات النهار متنقلين بين الالعاب وافلام الرسومات المتحركة ، وتتفرغ هي لاعمالها ،والاب يجد فيه المنقذ خلال الليل فيجعل الاطفال يمكثون امامه ليتفرغ هو لمتابعة التلفاز متنقلا بين نشرات الاخبار والبرامج المختلفة.
وخلال العام الدراسي تبدأ الصراعات بين الاهل وابنائهم فنحن نطلب من ابناءنا التوجه للدراسة ويكون الحاسوب بمثابة جائزة للطفل ان انجز واجباته المدرسية بسرعة، في حين أنهم يريدون اللعب على هذا الجهاز كل الوقت ،وان اقتنعوا وقاموا بالدراسة اولا فانها قد تكون بغير تركيز لانشغالهم بالالعاب والانترنت واصدقاء الشات … الخ
ولكن دعونا نسأل بعض الاسئلة والتي قد تساعد في سد الفجوة بين الاهل وابنائهم: ما هي الاثار الاجتماعية الناجمة عن استخدام الحاسوب ؟ وما هي السن المناسبة للطفل ليبدأ باستخدام الحاسوب؟ وكيف يؤثر الحاسوب على تماسك وترابط الأسرة؟
كثرة استخدام الحاسوب من قبل الطفل تجعله أناني وانطوائي ومنعزل ، فهو لا يلعب ولا يتحدث مع اخوته وان تحدث فان الحديث لا يتعدى الشجار حول دور من في استخدام الحاسوب و اللعب الان،وقد لا يفرح لمجيء الاقارب لزيارته حتى لو كان معهم اطفال من عمره ،ففي دراسة قدمها د. ميرون أورلينس في مؤتمر (الأسرة والتكنولوجيا والتعليم) بجامعة إلينوي 1997م، أكد أن استخدام الطفل للحاسوب ربما يؤثر على حياته الشخصية وعلاقاته الأسرية وعلاقاته بالأصدقاء، وحذر من تصاعد المخاوف من ضعف النمو الاجتماعي للطفل، وقال إن هذه المخاوف ليست جديدةً حيث أكدت الدراسات أن الدوائرَ الإلكترونية مثل التليفزيون والحاسوب وألعاب الفيديو لها نفس الخطورة على التفاعل الاجتماعي للطفل.
بينما تعرضت جوليا بيرنس في دراسة لها عن (أثر استخدام الكمبيوتر في الطفولة المبكرة على النمو الاجتماعي) لأهمية مرحلة الطفولة المبكرة في النمو الاجتماعي؛ حيث يكتسب الطفل المهارات الاجتماعية، وبالتالي يحتاج للاندماج في أنشطة اجتماعية وتفاعلية، وأكدت أن معظم الأسر للأسف تترك الطفل يستخدم الحاسوب على نحوٍ غير ملائم وفي سن مبكرة جدًا.
كما ان معظم الالعاب تتسم بالسرعة والعنف،مما يجعل الطفل مفتقدا للصبر وسريع الغضب ومحبا للعنف مع ابويه واصدقائه .. وتعارض جان هيلى المتخصصة في مجال الطفولة فكرة استخدام الطفل للحاسوب في طفولته المبكرة، وأكدت أنه ليس بحاجةٍ له قبل سن السابعة؛ لأن ذلك يعيق عملية النمو الاجتماعي لديه؛ حيث إن الطفلَ ما بين الرابعة والسابعة تنمو لديه عدة مهارات مثل استخدام اللغة، وفهم الآخرين، واحترام الآخرين، وقواعد الحوار.. وهذا ما يفتقده الطفل أثناء الجلوس أمام هذا الجهاز حيث يفقد التواصل مع الآخرين.
وتضيف جان أنه في هذه المرحلة تكون عقول الأطفال طيعة وتبدأ القيم والمعتقدات والأفكار في التشكل؛ لذا فمن الخطورة ترك الطفل أمام جهاز الحاسوب ليشكل له هذه المعتقدات.
ويتفق معها جون رسمويند- باحث في مجال الطفولة- في الرأي حيث ذكر أنه رغم إمكان إجادة الطفل لاستخدام الحاسوب في هذه السن إلا أنه ربما يتكون لديه العديد من المشاكل ويفتقد الكثير من المهارات الحياتية التي تتطلب تفكيرًا إبداعيًّا.
والمشكلة الاساسية في كثرة استخدام الحاسوب ، انه يجعل الطفل يتعامل مع عالم افتراضي غير حقيقي ، فعلاقاته الاجتماعية مع الاصدقاء تأتي ضمن مفهوم (العلاقات الالكترونية) بدلا من عمل العلاقات الاجتماعية التقليدية مع اقرانه مما يؤثر سلبا على تطور المهارات الاتصالية مع الاخرين فهو لا يتعرض للانفعالات البشرية كالابتسام والتجهم والملامسة… الخ
ويرجع الدكتور محمد المهدي- رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر- السبب في انشغال الأبناء بالكمبيوتر إلى عنصر الإبهار الذي يتميز به الحاسوب، إضافةً إلى أن النفس البشرية بطبعها تنفر من الأمر والنهي، أما الحاسوب فيقدم المعلومات بشكلٍ جذاب وبدون فرض فيتلقى الطفل الرسالة التربوية العشوائية من الجهاز ويتشكل عقله ووعيه وفكره ووجدانه وسلوكه في هذه المرحلة المبكرة، وهذه الرسالة تتسلل إليه بلا مقاومة بل ربما يكون مستلقيًا على سريره متابعًا لفيلم كارتون.
ويضيف الدكتور المهدي أن الإنسان في حياته يحيا على ثلاثة مبادئ متدرجة من الطفولة إلى المراهقة إلى النضج وهي:
1- مبدأ اللذة في مرحلة الطفولة فينجذب لما يمتعه ويبهجه.
2- فإذا وصل لمرحلة المراهقة يتبع مبدأ الواقع؛ حيث يرى أن هناك أشياء قد تكون مؤلمة أو غير سارة ولكن الواقع يفرضها عليه كالمذاكرة أو مساعدة الأم في بعض الأعمال.
3- فإذا ما وصل الإنسان لمرحلة النضج فإنه يحيا وفق مبدأ الواجب الذي يدفعه لأعمال يفرضها عليه الواجب وليس ما يحقق له المتعة.
وخطورة قضاء الطفل ساعات طويلة أمام الحاسوب أو الإنترنت أنه يرسخ لديه مبدأ اللذة مما يؤدي إلى تمحور الطفل حول ذاته وتقوقعه على نفسه فلا يكون لديه في المستقبل استعداد لتقبل الواقع أو التضحية من أجل الواجب.
ولا نستطيع ان ننكر مزايا الحاسوب المتمثلة في : الدقة في أداء العمل،و السرعة في إنجاز العمل و المرونة، وقدرته على تخزين كميات هائلة من البيانات،وسرعة معالجة واسترجاع البيانات، كذلك لا نستطيع ان نقول بان وجود الحاسوب عاد علينا بالمضرة لا بالمنفعة فاستخداماته متعددة : في التجارة نجد الكمبيوتر في محلات السوبرماركت حيث يقوم البائع بتسجيل عمليات البيع والشراء داخله عن طريق أرقام خاصة bar codeمسجلة على السلع،و في المطارات: حيث يستخدم في تسجيل بيانات المسافرين، وتنظيم إقلاع الطائرات وهبوطها،وفي الشركات والمؤسسات التجارية حيث يقوم بتنظيم كل الأعمال والحسابات وترتيبها وحفظ المستودعات،وفي المستشفيات بواسطة الحاسوب يقوم الطبيب بتنظيم مواعيد المرضى والعمليات الجراحية في المستشفيات والعيادات الطبية،وفي المدارس إذ يقوم المدرس بتدريس التلاميذ على عدد من البرامج التعليمية والألعاب المسلية وإصدار التقارير الشهرية وطباعة الاختبارات،وفي الهندسة: يستعمل الحاسوب في رسم الخرائط الهندسية للمنازل والمدن لذلك نجده في المكاتب الهندسية،وفي البيوت نجد الكمبيوتر يوفر لجميع أفراد الأسرة الألعاب المسلية والمعلومات المفيدة.
نحن لا نقول بان الخطأ هو باقتناء جهاز الحاسوب واستخدامه ، وانما الخطأ في عدم ترشيد استهلاكه ، فلا بد للوالدين ان يقللا من انشغالهما عن اطفالهم وضرورة الحوار معهم بمختلف المواضيع ، مع انشغال الاهل وفقدان الحوار لا يجد الطفل ما يفعله سوى الجلوس امام الحاسوب.
جامعة فيلادلفيا
وخلال العام الدراسي تبدأ الصراعات بين الاهل وابنائهم فنحن نطلب من ابناءنا التوجه للدراسة ويكون الحاسوب بمثابة جائزة للطفل ان انجز واجباته المدرسية بسرعة، في حين أنهم يريدون اللعب على هذا الجهاز كل الوقت ،وان اقتنعوا وقاموا بالدراسة اولا فانها قد تكون بغير تركيز لانشغالهم بالالعاب والانترنت واصدقاء الشات … الخ
ولكن دعونا نسأل بعض الاسئلة والتي قد تساعد في سد الفجوة بين الاهل وابنائهم: ما هي الاثار الاجتماعية الناجمة عن استخدام الحاسوب ؟ وما هي السن المناسبة للطفل ليبدأ باستخدام الحاسوب؟ وكيف يؤثر الحاسوب على تماسك وترابط الأسرة؟
كثرة استخدام الحاسوب من قبل الطفل تجعله أناني وانطوائي ومنعزل ، فهو لا يلعب ولا يتحدث مع اخوته وان تحدث فان الحديث لا يتعدى الشجار حول دور من في استخدام الحاسوب و اللعب الان،وقد لا يفرح لمجيء الاقارب لزيارته حتى لو كان معهم اطفال من عمره ،ففي دراسة قدمها د. ميرون أورلينس في مؤتمر (الأسرة والتكنولوجيا والتعليم) بجامعة إلينوي 1997م، أكد أن استخدام الطفل للحاسوب ربما يؤثر على حياته الشخصية وعلاقاته الأسرية وعلاقاته بالأصدقاء، وحذر من تصاعد المخاوف من ضعف النمو الاجتماعي للطفل، وقال إن هذه المخاوف ليست جديدةً حيث أكدت الدراسات أن الدوائرَ الإلكترونية مثل التليفزيون والحاسوب وألعاب الفيديو لها نفس الخطورة على التفاعل الاجتماعي للطفل.
بينما تعرضت جوليا بيرنس في دراسة لها عن (أثر استخدام الكمبيوتر في الطفولة المبكرة على النمو الاجتماعي) لأهمية مرحلة الطفولة المبكرة في النمو الاجتماعي؛ حيث يكتسب الطفل المهارات الاجتماعية، وبالتالي يحتاج للاندماج في أنشطة اجتماعية وتفاعلية، وأكدت أن معظم الأسر للأسف تترك الطفل يستخدم الحاسوب على نحوٍ غير ملائم وفي سن مبكرة جدًا.
كما ان معظم الالعاب تتسم بالسرعة والعنف،مما يجعل الطفل مفتقدا للصبر وسريع الغضب ومحبا للعنف مع ابويه واصدقائه .. وتعارض جان هيلى المتخصصة في مجال الطفولة فكرة استخدام الطفل للحاسوب في طفولته المبكرة، وأكدت أنه ليس بحاجةٍ له قبل سن السابعة؛ لأن ذلك يعيق عملية النمو الاجتماعي لديه؛ حيث إن الطفلَ ما بين الرابعة والسابعة تنمو لديه عدة مهارات مثل استخدام اللغة، وفهم الآخرين، واحترام الآخرين، وقواعد الحوار.. وهذا ما يفتقده الطفل أثناء الجلوس أمام هذا الجهاز حيث يفقد التواصل مع الآخرين.
وتضيف جان أنه في هذه المرحلة تكون عقول الأطفال طيعة وتبدأ القيم والمعتقدات والأفكار في التشكل؛ لذا فمن الخطورة ترك الطفل أمام جهاز الحاسوب ليشكل له هذه المعتقدات.
ويتفق معها جون رسمويند- باحث في مجال الطفولة- في الرأي حيث ذكر أنه رغم إمكان إجادة الطفل لاستخدام الحاسوب في هذه السن إلا أنه ربما يتكون لديه العديد من المشاكل ويفتقد الكثير من المهارات الحياتية التي تتطلب تفكيرًا إبداعيًّا.
والمشكلة الاساسية في كثرة استخدام الحاسوب ، انه يجعل الطفل يتعامل مع عالم افتراضي غير حقيقي ، فعلاقاته الاجتماعية مع الاصدقاء تأتي ضمن مفهوم (العلاقات الالكترونية) بدلا من عمل العلاقات الاجتماعية التقليدية مع اقرانه مما يؤثر سلبا على تطور المهارات الاتصالية مع الاخرين فهو لا يتعرض للانفعالات البشرية كالابتسام والتجهم والملامسة… الخ
ويرجع الدكتور محمد المهدي- رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر- السبب في انشغال الأبناء بالكمبيوتر إلى عنصر الإبهار الذي يتميز به الحاسوب، إضافةً إلى أن النفس البشرية بطبعها تنفر من الأمر والنهي، أما الحاسوب فيقدم المعلومات بشكلٍ جذاب وبدون فرض فيتلقى الطفل الرسالة التربوية العشوائية من الجهاز ويتشكل عقله ووعيه وفكره ووجدانه وسلوكه في هذه المرحلة المبكرة، وهذه الرسالة تتسلل إليه بلا مقاومة بل ربما يكون مستلقيًا على سريره متابعًا لفيلم كارتون.
ويضيف الدكتور المهدي أن الإنسان في حياته يحيا على ثلاثة مبادئ متدرجة من الطفولة إلى المراهقة إلى النضج وهي:
1- مبدأ اللذة في مرحلة الطفولة فينجذب لما يمتعه ويبهجه.
2- فإذا وصل لمرحلة المراهقة يتبع مبدأ الواقع؛ حيث يرى أن هناك أشياء قد تكون مؤلمة أو غير سارة ولكن الواقع يفرضها عليه كالمذاكرة أو مساعدة الأم في بعض الأعمال.
3- فإذا ما وصل الإنسان لمرحلة النضج فإنه يحيا وفق مبدأ الواجب الذي يدفعه لأعمال يفرضها عليه الواجب وليس ما يحقق له المتعة.
وخطورة قضاء الطفل ساعات طويلة أمام الحاسوب أو الإنترنت أنه يرسخ لديه مبدأ اللذة مما يؤدي إلى تمحور الطفل حول ذاته وتقوقعه على نفسه فلا يكون لديه في المستقبل استعداد لتقبل الواقع أو التضحية من أجل الواجب.
ولا نستطيع ان ننكر مزايا الحاسوب المتمثلة في : الدقة في أداء العمل،و السرعة في إنجاز العمل و المرونة، وقدرته على تخزين كميات هائلة من البيانات،وسرعة معالجة واسترجاع البيانات، كذلك لا نستطيع ان نقول بان وجود الحاسوب عاد علينا بالمضرة لا بالمنفعة فاستخداماته متعددة : في التجارة نجد الكمبيوتر في محلات السوبرماركت حيث يقوم البائع بتسجيل عمليات البيع والشراء داخله عن طريق أرقام خاصة bar codeمسجلة على السلع،و في المطارات: حيث يستخدم في تسجيل بيانات المسافرين، وتنظيم إقلاع الطائرات وهبوطها،وفي الشركات والمؤسسات التجارية حيث يقوم بتنظيم كل الأعمال والحسابات وترتيبها وحفظ المستودعات،وفي المستشفيات بواسطة الحاسوب يقوم الطبيب بتنظيم مواعيد المرضى والعمليات الجراحية في المستشفيات والعيادات الطبية،وفي المدارس إذ يقوم المدرس بتدريس التلاميذ على عدد من البرامج التعليمية والألعاب المسلية وإصدار التقارير الشهرية وطباعة الاختبارات،وفي الهندسة: يستعمل الحاسوب في رسم الخرائط الهندسية للمنازل والمدن لذلك نجده في المكاتب الهندسية،وفي البيوت نجد الكمبيوتر يوفر لجميع أفراد الأسرة الألعاب المسلية والمعلومات المفيدة.
نحن لا نقول بان الخطأ هو باقتناء جهاز الحاسوب واستخدامه ، وانما الخطأ في عدم ترشيد استهلاكه ، فلا بد للوالدين ان يقللا من انشغالهما عن اطفالهم وضرورة الحوار معهم بمختلف المواضيع ، مع انشغال الاهل وفقدان الحوار لا يجد الطفل ما يفعله سوى الجلوس امام الحاسوب.
جامعة فيلادلفيا